يوم سقط القناع ( الجزء الرابع ) | رواية عربية


يعتقد انه اوقعها.   - واحست بالأرتباك لانها لا تستطيع الاعتراف انها جاءت إلى هنا لإيقاعه واكملت: "لا يهمني كيف تعرفنا ببعضنا فأنا مسرورة فقط لأننا التقينا".   - وهكذا انا. لأن. لأن لدي أشياء كثيرة اريد قولها لك لكنني لن استطيع قولها الآن فالوقت مبكر كثيرا.
 وهل مبكر ان تعرف انك تريد قولها؟   - هز رأسه وقال بهدوء: "اوه. لا. ليس الوقت مبكرا لهذا.  * * *
 قال: " يجب ان تسامحيني. تكلمت كثيرا عن البندقية. لقد نسيت ان ايا كان يجب ان يشعرني بالشيء ذاته عن موطنه".  ردت مفكرة: " لست ادري. لا اظنني اشعر هكذا تجاه لندن".
 وهل تعيشين هناك؟   - اعيش الآن، لكنني تربيت في املاك ابي.   - آه. أجل والدك الكونت. ولا بد انه يملك اراض واسعة؟  واحتسبت مبالغ الرهن في فكرها: "بل ضخمة"     - لقد تربيت اذن قي الريف!
 أجل، واتذكر كم كان هادئا كذلك. كنت اجلس قرب نافذة غرفة نومي في الفجر لاراقب الاشجار بين الضباب. وكنت اتخيل.  وصمتت وقد شعرت بالحرج لانجرافها إلى البوح بمشاعرها.  لكنه كان ينظر اليها باهتمام، وقال: "تابعي"
 وبدأت تتكلم عن بيتها، عن طفولتها التي امضتها هناك، وعن الاصدقاء الخياليين الذين اخترعتهم. وشعرت بلذة التحدث إلى هذا الشخص الذي بدا مستغرقا في الاصغاء اليها. فما من أحد في عائلتها كان يتعاطف مع " احلامها". وبدأت الآن تتساءل عما إذا كانت هذه الاحلام قد بدأت تعاودها
 برفقة هذا المستمع الرائع.  دفع غويدو الفاتورة، وامسك ذراعها ليقودها إلى الخارج، وهو يتمتم بانهما سيتناولان بقية وجبة الطعام في مكان آخر. لكنه فعل هذا دون ان يبعد اهتمامه عنها، أو ان يقاطع تدفق كلامها، وحين وجدت نفسها تقطع جسرا بعد دقائق، لم تكن واثقه تماما كيف وصلت إلى هناك.
 دخلا مطعما آخر، وطلب الطعام دون استشارتها، فتذوقت المحار المحشو بالكافيار مع البهار وعصير الحامض، وكان اشهى عشر مرات من وجبة الطعام الرائعة التي تذوقتها في منزل روسكو. واذ قرأ غويدو امارات الرضى على وجهها، ابتسم قائلا بفخر: " نحن نطهو أفضل طعام في العالم".
 ردت بحرارة: " اصدقك. اصدقك. فهذا لذيذ للغاية".     - الم تمانعي في طلبي الطعام لك؟  هزت رأسها: " لن اعرف ماذا اطلب على أي حال".     - اذن، تضعين نفسك بين
: يدي بالكامل!  احتجت: " لم أقل هذا بالضبط، قلت ان بامكانك اختيار الطعام".     - انه لامر نفسه. بما اننا نأكل.   - انني آخذ حذري ليس إلا، فقد سمعت الكثير عن اصحاب الغندولات.
 ورد ممازحا: " وماذا سمعت عنهم بالضبط؟ "     - انكم زمرة من " الروميو".  صحح لها: " ليس روميو. بل كازانوفا".     - وهل من فارق؟   - طبعا. فهذه مدينة كازانوفا. وفي ساحة "سان
 ماركو" يمكنك رؤية مقهى" فلوريان" حيث كان يذهب. وكان مسجونا، كذلك في البندقية. اذن، كنت تقولين.   - اتعني انني استطيع انهاء كلامي الآن؟  وضع اصبعه على فمه: " لن اتفوه بكلمة أخرى".     - لا اصدقك. اين كنت؟
كلنا كازنوافا.   - تغازلون الفتيات اللواتي ينزلن من الطائرات.  وافق معها دون خجل: " بالطبع نفعل هذا، لاننا دائما نبحث عن الافضل".     - ومن يهتم بالافضل، إذا كان الأمر لبضعة أيام فقط؟   - انا اهتم دائما بالكمال. فهذا
مهم.  ولم يكن يمازح، واضطرت إلى الرد بجدية: " لكن لا يمكن لكل شيء ان يكون كاملا. العالم ملئ بالنواقض".     - طبعا. ولهذا فالكمال مهم، لكن يجب ان يعرف المرء كيف يسعى اليه في الأشياء الصغيرة والكبيرة، فالكمال
 يوجد حيث تجدينه.   - أو حيث تظن انك وجدته. أحيانا يجب ان تكتشف انك مخطئ.  وانفجر ضاحكا: " لماذا نحن جديان هكذا؟ هذا سيأتي فيما بعد".     - اوه. حقا؟ إذن، وضعت مخططا لحديثنا؟
اعتقد اننا نفتح ابوابا مغلقة. انت وانا.   - لن اسألك أي أبواب. فقد يعني هذا العودة إلى الجدية. وانا هنا لاجل المرح.  نظر اليها بحيرة: " اتقولين ان هذا سبب مجيئك إلى البندقية. للبحث عن علاقة حب عابرة؟  وبشكل غريب فاجأها
السؤال.     - لا. فأنا. لا. ليس هذا هو السبب.  سألها على الفور: " ما بالك؟ هل قلت شيئا جرحك؟ "     - لا. بالطبع لا.  وكان الأمر صعبا عليها، لان
 هذا الرجل أكثر خبثا ومكرا مما كانت تظن. كانت عيناه دافئتين وقلقتين، وتدرسانها بلهفة.  أشارت إلى طبقها الفارغ، وقالت: " كان هذا رائعا. ماذا قررت الآن؟ "  أعلن على الفور: " بولا ستري بيني أي بوني".
وهذا يعني.  وبحثت في لائحة الطعام: " لا استطيع ان اجده".     - انه الدجاج المحشو بالاعشاب والجبن واللوز. ولن تجديه في لائحة الطعام، فهم لا يعدونه هنا.   - اذن.   - سآخذك إلى مكان يقدمونه
/: فيه.   - وهل سنتناول كل طبق في مطعم مختلف؟   - بالطبع. انها الطريقة المثلى لتناول الطعام. تعالي.  عندما خرجا، كان ضوء النهار قد بدا يتلاشى بين الابنية وعبر الشوارع.  قالت وهما يسيران دون استعجال: " ظننت ان كل
الشوارع مائية".     - لا. فهناك الكثير من الاماكن حيث من الممكن ان تتمشي. لكن، عاجلا أم آجلا، ستصلين إلى الماء.   - لكن، لماذا بقيت هكذا في الاساس؟   - منذ قرون عديدة، كان اسلافي هاربين من اعدائهم. وتركوا اليابسة متجهين نحو
 خليج فيه العديد من الجزر الصغيرة واستقروا فوقها. وداسوا الحطب في اعماق الماء، وبنوا الجسور بين الجزر وبهذا بنوا المدينة.   - اتعني ان هذه القناة كانت طريقا بحريا بين جزيرتين منفصلتين؟   - كانوا صانعي معجزات.   - لكن كيف؟ انها. انها تتحدى كل قوانين الهندسة
والعلم والمنطق.   - اوه. المنطق.  ردت متحدية: " انا اؤمن به".     - اذن، فليكن الله في عونك! فهو لا يعني شيئا. ولا يبتدع شيئا. انه نقيض المعجزة. انظري حولك، فكما تقولين، تتحدى البندقية المنطق. مع ذلك فهي موجودة.
 استطيع انكار هذا.   - وهذا كثير على المنطق! فلا تلجأي اليه مرة أخرى، انه سبب كل المشاكل في العالم.  اعترفت: " اخشى الا استطيع. فقد اعتدت ان اكون متعقلة، وعملية. ".  وضع يديه على اذنيه، وقال متوسلا: " كفى. كفى. لا اسطيع سماع المزيد من هذه
 الكلمات الفظيعة. يجب ان اطعمك بسرعة لتستعيدي صحتك مجددا.  واسرع بها نحو مطعم صغير حيث طلبا الدجاج واستلذا في تناوله.  وفجأة شعر غويدو بيد تمسكه وبصوت مرح يقول له: " هاي غويدو! لم اتصور ان اجدك هنا! "
انه البرتو، صديق وموظف لديه، يدير له مصنع الزجاج. كان صديقه المرح هذا على وشك ان يكشف سرّه.  اجفل غويدو، والقى نظرة إلى دولسي التي كانت لحسن الحظ مستغرقة في اطعام هرة صغيرة ظهرت تحت طاولتهما. ولم تسمع البرتو يدعوه غويدو، ولكن الكارثة كانت تقترب بسرعة، وشعاع
 الامل الوحيد هو ان يتكلم البرتو باللهجة البندقية. امسك غويدو معصم صديقه وتمتم:  " مرحبا يا صديقي العزيز. اسد لي معروفا واغرب عن وجهي".     - هذا ليس كلاما وديا غو.   - انا لا اشعر بالود.والان كن
صديقا طيبا وابتعد من هنا.  حدق البرتو به، ثم لمح دولسي وتهللت اساريره: "آه. ! سيده جميلة. ايها الشيطان، دعني اتعرف اليها".     - ستتعرف إلى الفتاة بعد دقيقة.  وتراجع البرتو إلى الوراء مراضيا: " حسن جدا! إذا كان
الأمر هكذا. ".     - احذرك. كلمة أخرى.   - عظيم. انا ذاهب.  وراقبه غويدو يبتعد.كان يجب ان يأخذ دولسي إلى مكان لا يعرفه أحد فيه. لكن اين يمكن له ان يجد مثل هذا المكان في البندقية؟  وتكدست المشاكل في وجهه.
قريبا، عليه ان يقر لها بخدعته البريئة. لكن ذلك يحتاج إلى الكثير من التفكير. لا بأس، سوف يتسلل بخفة من هذه المشكلة حين يحين اوانها، وهو جيد في هذا.  قال: " إذا كنت انتهيت من الطعام، فلنعد إلى السير مجددا، فستكون البندقية قد تغيرت".
ورأت ما كان يعني وهما يخرجان، فالليل صنع مدينة مختلفة وأشرقت الانوار مثل انعكاس الجواهر فوق المياه السوداء، وقادها إلى جسر صغير وتركها تستوعب الجمال على طريقتها، بهدوء.  كان يريد أن يقول لها امورا كثيرة. لكنه أمسك نفسه، خائفا من إفساد سحر اللحظة بالتسرع. بإمكانه أن ينتظر
 يترك البندقية تقوم بالعمل عنه.   وراقبت دولسي واستمتعت مسحورة، تناهى إلى سمعها أصوات أصحاب المراكب، وفي بعض الأحيان صياح ناعم غريب، ومخيف.     - ما هذا الصوت؟   - إنه نداء صاحب غندول.
عليه أن يحذر أي مركب يمر في طريقه، وإلا فيصطدمان.  وهو يتكلم، تعالت صيحة أخرى قريبة، ومالت دولسي من فوق الجسر تراقب المركب حيث جلس حبيبان متعانقان، وببطء ابتعدا عن ابتعدا عن بعضهما، وقد أضيء وجهاهما بأنوار الجسر.
أحست دولسي بيد باردة تتمسك بمعدتها. الرجل. هذا لا يمكن، إنها تتخيل الأشياء. وبينما كان الغندول يختفي تحت الجسر، أسرعت إلى الجانب الآخر، في محاولة للرؤية بشكل أفضل، لكن هذا كان أكثر سوءا، فهي لم تر سوى مؤخرة رأسه، ما زاد قناعتها بأنها رأت سايمون.   عروس ثرية وشهر عسل في
البندقية، هذه هي الأشياء التي يريدها. لكن، لم يمر سوى أربعة أشهر على فراقهما. فهل يمكن له إبدال عروس بأخرى بهذه السرعة؟ وتراجعت في الوقت المناسب وعلى وجهها الألم والخيبة والرفض، وعدم الثقة.     - دولسي. ما الأمر؟
 أحست بيدين قويتين تمسكان بها وتديرانها، وكان وجهه قاتما.     - قولي لي. ما الأمر؟   - لا شيء.   - ذلك الرجل. أنت تعرفينه. لكن لا يمكن أن يكون هو، ليس بهذه السرعة. وليس هنا. لا أعرف، ولا أريد التكلم عن
هذا.  قال ببطء: " فهمت"  وصاحت بغضب:     - أنت لا تعرف ماهو الأمر، أنت لا تعرف شيئا.   - لقد احببته. وظننت أنك ستكونين هنا معه، ولم يكن هذا منذ وقت بعيد.هل ما زلت تحبينه؟
قالت، محاولة أن تبدو حازمة:     - لم يكن هو. مجرد شخص آخر يشبهه قليلا.   - لكنك تتجنبين سؤالي. أنت ما زلت تحبينه؟ أم أنك لا تعرفين؟   - أجل. لا. لا اعرف.. لا اعرف شيئا.
 هل كنتما ستأتيان إلى البندقية في شهر عسلكما؟  تنهدت: " أجل"     - والآن أنت هنا وحدك. للتفكير بما كان أن يكون؟   - كيف تجرؤ على الإشارة إلى انني من النوع. الذي لا أعرف. من العوانس المحرومات اللواتي يركضن وراء ظل حب ميت.   فراح يضحك.     - كنت اعرف أنك أقوى من هذا. فأيا يكن ما فعله، لن يحطمك كوني هادئة! هل تلحق به ونرميه في الماء؟  وانضمت إلى ضحكه: لا تكن أحمق. فأنا لا أعرف حتى إنه هو. دعينا نرميه في الماء على أي حال.   - ايها المهرج. لماذا؟   - ليتعلم كل الرجال أن يكونوا حذرين كيف يعاملون النساء في المستقبل.  قالت بسرعة: " دعنا ننسى امره".  قال: " أجل. دعينا ننسى
[2/ امره، ونخطط لما يجب أن نفعله غدا هناك امور كثيرة أريد أن اريك اياها. ".     - وماذا عن الغندول! إنه مصدر رزقك.   - ليس غدا، في الغد سأنسى العمل وأفكر بك فقط.  قالت ممازحة:




أحدث أقدم