يوم سقط القناع ( الجزء الـخامس ) | رواية عربية


أوه. حقا. لنفترض أن لدي أفكارا أخرى؟  بدا محبطا: " هل هناك رجل آخر تفضلين قضاء يومك معه؟     - لا. أنا.  وكتمت ما تبقى، مدركة أنها كادت تقع في فخ.
 لكنه قال على الفور: " تفضلين قضاء يومك معي بدلا من أي رجل آخر؟ رائع! هذا ما كنت آمل به.     - أنت تحرّف كلامي. ربما أريد قضاء اليوم وحدي.   - حقا؟  ولم يعد يمازح. ولاهي. وقالت بهدوء: " لا"
 سنذهب إلى الشاطئ البحر إذا أردت؟   - هل هناك حقا شاطئ رملي؟   - أعدك بشاطئ رملي حقيقي، فالبندقية لا تشتهر فقط بأفضل طعام في العالم، بل كذلك بأفضل شاطئ. Rehana   - وهل هناك شيء آخر؟
 أفضل سباحة. وافضل صحبة، انا.  وكان يضحك مجددا، ويدعوها إلى الضحك معه. ثم فجأة، جذبها إلى ذراعيه وعانقها، ثم تراجع قليلا ليلامس وجهها بيديه، يرجع خصلات شاردة من شعرها ويتفرس بها عن قرب.  قال هامسا: "دولسي.. هناك
 الكثير.. لكن ليس الآن.. فهذا ليس الوقت المناسب".  سرت رجفة في جسدها هذا شديد الحلاوة شديد البهجة.. بماذا كانت تفكر؟  قالت: "لا استطيع.. لا استطيع رؤيتك غدا.     - إذن في اليوم الذي يليه..
 قالت بيأس: "لا.. لا أستطيع رؤيتك مجددا.. سأعود إلى بلادي ما كان يجب ان اجيء إلى هنا. ارجوك.. دعني اذهب".  لم يحاول ان يتمسك بها وهي تتحرر منه وترحل راكضة. ببساطة عليها ان تبتعد عما يحدث هنا فلا شيء يسير حسب الخطة.
 وأبطأت وقع خطواتها ثم توقفت فقد بدت لها كل الاتجاهات متشابهه وليس لديها فكرة اين هي. وتأوهت: "الآن انا ضائعة تماما".  قال وهو يظهر من الظلام: " ليس وانا هنا. سآخذك إلى الفندق. ليس بعيد جدا".  حين قادها عبر الأزقة وجدت نفسها قرب الفندق وادركت
 انهما كانا يسيران منذ عشر دقائق فقط.  وقال لها: " ها هو. امامنا مباشرة. ما عدت بحاجة إلى مساعدتي".  ووقف في الظل.  مدت يدها: "إذن سأقول وداعا. وشكرا لك على هذه الأمسية الجميلة وانا آسفة لانتهائها فجأة. ".
وهل انتهى. كل شيء؟   - أجل. يجب ان ينتهي. انا لا أظنني قادرة على التفكير جيدا.   - ولا انا. لكن تجاوبي هو عكس تجاوبك.  قالت بسرعة: " سأعود إلى بلادي غدا، يجب ان افعل هذا حقا. ولا استطيع الشرح، لكن
 ما كان يجب ان اجيء إلى هنا. وداعا.  وخرجت آخر كلمة بسرعة. ثم سارت مبتعدة وبسرعة لتدخل الفندق دون النظر اليه.  عندما فتحت باب جناح الأمبراطورية، كان تفكيرها يعمل كدماغ التحري مرة أخرى بارد هادىء محتسب.
 منطقي.  رن جرس الهاتف وعرفت من المتصل.  وجاء صوته: " ارجوك لا تقفلي".     - انا. يجب.   - لا يجب ابدا ان تفعلي ما يجب، إنها غلطة كبيرة   - هذه مجرد كلمات متذاكية
قال مؤنبا: " انت الآن تنغمسين في المنطق ويجب ان توقفي هذا".     - المزيد من الكلمات المتذاكية   - انت على حق. والعمل أفضل. سأكون في انتظارك في العاشرة من صباح غد في مرسى "فابوراتو" قرب
 الفندق وتعالي جاهزة للسباحة.   - لكن.   - في العاشرة. ولا تتأخري.  واقفل الخط.  لم تستطع التفكير بما يجري هنا. يفترض ان تكون هي المسيطرة لكن فجأة كل شيء خرج من بين يديها ولتساعد نفسها في جميع
 افكارها المشتتة خرجت إلى الشرفة وراحت تنظر إلى المياه الهادئة في الظلام.  كانت قد دعت الأمسية بالسحرية، الأمر الذي ازعجها لأنه ما كان يجب ان تخدعها الكلمات الجميلة.  لكن، هنا في الخارج في الظل وهواء الليل البارد، لا يمكن انكار السحر. راقبت انوار
 المقاهي تنطفيء واحدا تلو الآخر ويقيت مكانها لا تريد لهذه الليلة ان تنتهي.  وشتت رنين جرس الهاتف المرتفع حلمها اللطيف وكان المتكلم روسكو.  سأل دون مقدمات: " كيف الحال؟ هل توصلت إلى شيء؟ "  احتجت قائلة " لقد وصلت
 اليوم فقط ".     - اتعنين انك لم تلتقي به؟   - بلى. التقيت به.   - عظيم وهو شخص تافه حقا. صحيح؟  ردت بحذر: " سيد هاريسون لوكان هذا الرجل تافها لما اثر على جيني كما فعل، انه ماكر وذكي".
 اتعنين انه اثر بك؟  ردت بسرعة: " لا بكل تأكيد".     - هل انت واثقة؟ فكما تقولين انه ماكر وذكي ويعرف كيف يوقع أي امرأة في سحره.  قالت بحدة: " لكنني لست أي امرأة. انا امرأة رايته على
حقيقته قبل ان نبدأ وتستطيع ترك امره لي الليلة كانت المرحلة الاولى وستكون المرحلة الثانية تحفتي الفضلى".  انهت المكالمة وهي تشعر كأنها تلقت لكمة في معدتها، فقد ارجعتها المخابرة إلى الواقع بماذا كانت تفكر لتترك هذا الرجل يوقع بها في حين انها تعرف حقيقته؟ الأمر
ببساطة انها وفتشت عن أسوأ كلمة تعرفها. ولم تجد سوى غير محترفه.  لكنها اكدت لنفسها انها في الغد ستكون متعقلة  سار غويدو عبر الشوارع ضائعا في حلمه حتى انه لا يلاحظ الرجلين اللذين تقدما نحوه إلى ان اصطدم بهما.  وتمتم: " اعتذر".
 قال ماركو يمسك ذراعه: "هاي. هذا نحن".  قال ليو: " لم تكن تنظر إلى اين انت ذاهب".  فكر غويدو قليلا: " لا. لا أعتقد انني كنت انظر هل هذه هي الطريق إلى البيت؟ "  أي شخص من اهل البندقية كان سيعرف ان هذا السؤال
 سخيف لأن كل الطرقات في هذه المدينة الصغيرة تقود إلى منزل ما ونظر الاثنان إلى بعضهما البعض ثم وقفا على جانبي غويدو واكمل الجميع الطريق معا.  كان القصر كالفاني حديقة قرب الماء واشار ماركو للساقي ان يأتيهم بالعصير وجلس الجميع تحت النجوم.
 قال ماركو آمرا: "لا تتكلم بل اشرب. هناك مشاكل لا يمكن للكلام حلها".  قال غويدو: "انا لست في مشكلة ".  سأل ماركو: "ماذا دهاك إذن؟ هل جننت؟ ".     - انا احب.
هز ليو رأسه بحكمة: "آه. هذا النوع من الجنون".  قال غويدو: " المرأة المثالية".  سأل ما ركو: "ما إسمها؟ "  لكن احساس غويدو بالحماية الذاتية كان يعمل جيدا، فقال بلطف:  "اغرب عن وجهي ".  اراد ليو ان يعرف: "متى
 التقيت بها؟ ".     - بعد ظهر اليوم. إنه حب من النظرة الأولى.   - ذكره ليو: " انت تقول دائما إنهن يسعين وراء اللقب".   - هي لا تعرف شيئا عن اللقب. وهذا أفضل ما في الأمر تعتقد انني سائق غندول ابحث عن معيشتي بصعوبة لذا استطيع ان اكون
 متأكدا ان ابتساماتها لي. إنها المرأة الصادقة الوحيدة في العالم.   - ردد ماركو ساخرا: " امرأة صادقة؟ انت تطلب الكثير".  قال غويدو: "لسنا جميعا عيابين مثلك. أحيانا على الرجل ان يثق بغريزته وغريزتي تقول لي انها صادقة وعاجزة عن الخداع وحين ستحبني. ستحبني
 لأجلي لوحدي".  رفع ليو حاجبيه: " اتعني انها لم تحبك بعد؟ بدأت تفقد مواهبك ".  قال غويدو بإصرار: "إنها تفكر بالأمر. وسوف تحبني. وبقدر ما أحبها تقريبا.  سأل ليو: " وتعرفها منذ متى؟ ".
منذ بضع ساعات. وطوال حياتي.  سخر ماركو منه: " اصغ إلى نفسك لقد فقدت صوابك ".  رفع غويدو يدا وقال بعناد: " السلام، ايها الجاهلان انتما لا تعرفان شيئا".  وسار مبتعدا تحت الأشجار، وترك الرجلين الآخرين
ينظران إلى بعضهما.  حين ابتعد عن نظرهما توقف غويدو ونظر إلى القمر وقال بانجداب غامر: " لقد جاءت إلى. وهي رائعة".
 واجب أو حب؟  قال ليو في الصباح التالي: " يجب ان اعود إلى دياري قريبا، لقد جئت فقط لأرى عمي وهو بخير الآن".  سارع غويدو بالقول: " لا تغادرنا الآن. إنه نادرا ما يراك. ومن يعلم كم من الوقت سيبقى معنا؟ ".
 كانو يتناولون الفطور في الهواء الطلق ويتنعمون بالنسيم الدافيء وقهوة ليزا الممتازة.  قال ليو: " عمي سيعيش أكثر منا جميعا وانا مزارع وهذا موسم العمل في السنة".     - يبدو ان موسم العمل يدوم لديك طيلة السنة.
رد ليو بصوت خشن: " حسن جدا. انا لا أحب المدن إنها امكنة شيطانية".  قال غويدو بسرعة: " لا تتكلم عن البندقية هكذا".  قال ليو ساخطا: " بحق الله. انت لست بندقيا أكثر مني".     - لقد ولدت هنا.   - لقد ولدنا هنا معا، لأن عمي
 ارغم ابي على المجيء بزوجتيه إلى البندقية لولادة ولديهما وحصل الأمر نفسه مع والدة ماركو. فنسل كالفاني يجب ان يولدوا في قصر كالفاني.  واظهرت لهجة ليو رأيه بهذه الفكرة: " لكننا عدنا سريعا إلى توسكانيا ونحن ننتمي إلى هناك".
 قال غويدو: " ليس انا. فلطالما احببت البندقية ".  كان غويدو في صغره يأتي للإقامة مع جده خلال العطل المدرسية وحين بلغ الثانية عشرة قرر فرانسيسكو ان يسكن الصغير على الدوام في البندقية كي يكبر مع الأرث الذي سيكون له ولم يكن لغويدو سوى فكرة ضبابية عن ذلك الأرث لكن المدينة
 سحرته وكان مسرورا لانتقاله.  كان يحب والده لكنه لم يكن مرتاحا تماما، معه فقد كان بير تراندو يحب الريف، ويؤلف مع ليو ثنائيا فاتنا. وبكى بير تراندو "لاختطاف" ابنه لكن منحة مالية ضخمة من فرانسيسكو هونت عليه.  انضم ماركو إليهما بعد
 لحظات بعد ان انهى مكالمة هاتفية قال وهو يجلس: " لقد حان وقت عودتي لبيتي".  قال غويدو ساخرا: " انت كذلك عمي؟ عمي يحب ان تكون هنا، إنه رجل عجوز لا يراك بما يكفي".     - لكنني اهمل اعمالي.   - المصارف تدير ذاتها.
 ماركو أكثر من مجرد مصرفي عادي. إنه واحد من اهم رجال المال.  وتحمل ماركو هذه المعاملة متجاهلا مزاح غويدو أو ربما تمكن من ان لا يسمع. وعلى الرغم من ان والده من أسرة كالفاني إلا ان امه من روما وهو يعيش في تلك المدينة باختياره كان ماركو وسيما
 متكبرا ارستقراطيا باردا لا يكترث لكبرياء كل من يعتبرهم أقل شأنا منه. انه "روماني" حتى أطراف اصابعه واي شخص يلتقي به لبضع دقائق سيعرف انه متحدر من مدينة حكمت زمنا امبراطورية واسعة.  المرة الوحيدة التي بدا فيها ماركو مثل بقية الرجال كانت حين وقع في الحب وخطب
وحدد موعد الزفاف وذهل ابنا عمه بالتغيير وبالدفء الذي كان يبرز من عينيه حين يرى حبيبته.  ثم انتهى كل شيء بين ليلة وضحاها فانفسخت الخطوبة برضى الطرفين، والغي موعد الزفاف، واعيدت الهدايا إلى اصحابها.  حصل هذا منذ اربع سنوات.
 وحتى هذا اليوم، كان تعليق ماركو الوحيد: "هذه امور تحدث. لم نكن متناسبين".  وردد غويدو حين ابتعد ماركو عن السمع: " غير متناسبين؟ لقد رأيت وجهه بعد فسخ الخطوبة مباشرة، لقد انفطر قلبه".  ولم يكن ماركو قد ناقش مسألة إلغاء عرسه وما كان
لولدّي العم ان يعرفا لو لم يقابل غويدو صدفة تلك السيدة بعد سنتين وقالت تشرح: " كان متملكا جدا. إنه يريدني له تماما".  ردد ليو حين روى له غويدو الحديث: " ماركو؟ متملك؟ لكنه جبل جليد".     - يبدو انه ليس هكذا دائما.
وجلس ماركو إلى مائدة الفطور الآن متجاهلا محاولة غويدو إثارة سخطه واخذ فنجان القهوة، ثم ظهرت ليزابيتا مع إبريق قهوة وضعته امامهم واخذت الأطباق المستخدمة من دون ان تتفوه بكلمة أو تعبأ بوجودهم.  قال غويدو حين ابتعدت: "إنها ترعبني، تذكرني بالنساء









أحدث أقدم