يوم سقط القناع ( الجزء الـسادس ) | رواية عربية



 اللواتي كن يجلسن يحكن الصوف عند اقدام المقصلة في الثورة الفرنسية اتخيلها تحيط شعار كالفاني على كنفك".  ضحك ليو: " لن يزعجوا انفسهم بي. فأنا مجرد عامل في الأرض وهذا ما كان يجدر بي فعله الآن".  توسل غويدو إليه: " ابقيا
 بضعة أيام أخرى.. سيعني هذا الكثير لعمي".  قال ليو: " تعني لك. تريدنا ان نشغل اهتمامه بينما تقوم انت بالسوء".  ضحك غويدو: " انت مخطىء لن احاول ان اقوم بذلك مجددا".  سبق دولسي في وصولها إلى المرسى وللحظات كان
متأكدا، انها لن تأتي وعرف بطريقة ما اخطأ في الليلة السابقة، لكنه يستطيع التبرير لو رآها مرة أخرى.  ها هي!  وامسك يدها.     - بسرعة.. المركب قادم.  مع اقتراب المركب سارع بها
للصعود على متنه وكأنه خائف من ان تغير رأيها ووجد لها مقعدا في المقدمة وجلس بصمت قانعا بمراقبتها وهي تتمتع بجمال البندقية.  بالكاد كانت دولسي تصدق انها هنا، لكن قدماها سارتا من تلقاء ذاتهما إلى خارج الجناح الامبراطوري ومنه إلى المصعد.
والآن.. ها هي تجلس، إلى جانبه وتتنزه معه اخذت الريح الدافئة تصفر وهي تمر بها وتجعل شعرها يتطاير.  كانت المسافة من المرسى إلى الشاطىء قصيرة تمر عبر جزيرة ضيقة.. راحت دولسي تحدق إلى البحر الواسع وقد انعشت الرمال الذهبية قلبها.  استأجر كوخا لكل منهما
ومظلة ضخمة دسها في الرمل. وحين خرجت من الكوخ وهي ترتدي ثوب البحر تحت قميص فضفاض شفاف كان على الرمل ينتظرها ولم تغادرها عيناه وهي تتقدم وتخلع القميص لتكشف عن جسم نحيل انيق وجميل وكتمت انفاسها بانتظار ردة فعله.  قال: " اين الكريم الواقي من
الشمس؟ "     - ماذا؟   - مع هذه البشرة البيضاء، ستحتاجين إليه.   - لكنني لا أتأثر بالشمس ابدا.   - لا أحد يتأثر بالشمس في انكلترا لأنكم لا ترونها اما هنا فأنت بحاجة إلى كريم واق تعالي سنذهب إلى محل
البيع.  واشترى الكريم من المتجر، وقبعة قش كبيرة وضع القبعة على رأسها ولم يتركها تنزعها إلا بعد ان اصبحا تحت المظلة نزعت القميص لتتمكن من استخدام الكريم وقالت:     - الن تساعدني؟   - بالتأكيد.استديري لأدهن
 ظهرك وكتفيك.  وفعل ما قال بالضبط، ثم جلس ينتظر وهي تغطي كل انش آخر فيها بالكريم.. حتى انه لم يعرض عليها دهن ساقيها.  وفكرت: واضح ان جيني كانت محظوظة جدا وهو مخلص لها. إذن.. ماذا يفعلان الآن هنا؟
ربما يرغب في صحبة إناث إنكليزيات يذكرنه بالمرأة التي يفتقدها فعلا وكانت فكرة محبطة.. ماعدا بالنسبة لجيني بالطبع.  قال: " الآن نستطيع ان نسبح.. لوقت قصير فقط في البداية لتعتادي على الشمس بالتدريج".  قالت ساخطة: " وكأنني في
 نزهة مع ابي ".     - هل هكذا كانت الامور حقا حين كان يأخذك إلى السباحة؟  اعترفت بسخرية: " لا لم يأخذني يوما إلى الشاطىء بل إلى السباق دائما. ثم.. حسنا.. كان لديه أشياء أخرى يفكر بها".
 لكن الم يرغب ابدا في دعوتك للتنزه؟  ردت بعد لحظة: "لا".  كان يدعو فقط شقيقها.     - كان يقول اصطحابي في نزهة ليس ممتعا، لأنني لا أعرف كيف استمتع.   - وبدا مرتاعا: " والدك قال
هذا؟ "  احست كما احست الليلة السابقة، انها وجدت أول مستمع متعاطف معها.     - انه ولد كبير بحد ذاته. حقا، ويحب المرح   - حسنا.. اليوم ستمرحين.. وسأكون الأب، وادعوك إلى كل شيء ترغبين به سنسبح،
وسنلعب بكرة الشاطيء وسنأكل المثلجات بالكراميل وسنفعل كل شيء.  تنفست بعمق: " أوه.. أجل.. أجل.. ارجوك".  امسك يدها وبدأ يركض على الشاطيء إلى ان اصبحا في المياه الضحلة حيث اخذ يرشها بالماء.  سارا فيما بعد يدا بيد على
 الشاطيء وهنا اجبرها على ارتداء القبعة مجددا وتوقفا ليرتاحا قرب بركة صخرية وتركت دولسي حذاءها يغوص في الماء، تنشق الهواء المالح وتتساءل كيف كانت تعيش دون هذا.  قال بعفوية: " احذري من السراطين".
آه.  صيحتها شقت الهواء وهي تنتزع قدميها بعيدا واخذ يضحك ويضحك إلى ان ظنت انه لن يتوقف.     - ايها القذر..  واخذت تلكمه وهو يحاول الدفاع عن نفسه وبينما كانا يتصارعان اختفت القبعة
وحملتها الريح بعيدا لتودعها البحر.  سألته وهي تنظر إلى الماء: " هل هناك سراطين حقا؟ "     - بالطبع لا.. وإلا لما تركتك تضعين قدمك.   - حسنا انتظر سأجعلك تندم وسترى إن لم افعل  وامسكت يده في رحلة
العودة.  توجها إلى مطعم على الشاطيء حيث جلست تحت خيمة، بينما دخل هو ينظر حوله بسرعة ولحسن الحظ لم يرى سوى شخص واحد يعرف هويته الحقيقية وكان نيكولا ابن أحد بستانيي الكونت يعمل خلال عطلة الجامعة وابتسم غويدو له وتمتم بضع كلمات باللهجة
 البندقية وتبادل معه بضع قطع من النقود..  ووعد نفسه: بعد هذا لا مزيد من المراوغة. من الآن وصاعدا سأكون منفتحا ومستقيما مثلها لقد غيرتني.  وجعلته الفكرة يقف ويفكر..  كان يضحك وهو ينضم إليها فسألت: " ما المضحك هكذا؟ "
ليس مضحكا بالضبط.. لكن.. هل سبق لك ان نظرت حولك فجأة ووجدت ان الحياة تغيرت تماما عما كنت تعتقدين؟   - حسن جدا.  لكنه لم يكن يريد ردا، بل كان مندفعا للتعبير عن الفكرة التي غمرت رأسه: " كل
 الأشياء التي ظننت انك لا تريدينها اصبحت فجأة الهدف الذي ترمين إليه.. ".  ضحكت: "عم تتكلم؟ ".     - لا أعرف.. ما أعرف أن.. أن..   - مرحبا سيدي!  وكان نيكولا النادل، وصرّ غويدو على أسنانه أعطاه
الطلب واختفى نيكولا ليعود بعد لحظة بالمعجنات..  كان الطعام لذيذا والتهمته دولسي بنهم.  وفكرت: لا يجب ان استمتع بهذا كثيرا.. فأنا هنا لأعمل.. لكن بضع ساعات إضافية فقط ثم تعود الامور إلى سابق عهدها.  فيما بعد جعلها تستلقي في
 الظل لمدة ساعة قبل ان يسمح لها بالعودة إلى البحر.  لكن ما إن اصبحت في الماء حتى رغبت في السباحة بعيدا وكانت ماهرة في ذلك وجعلته يطاردها..  استدارت لتواجهه وهي تضحك وتخوض الماء.  قال: " ايتها المرأة المجنونة، كيف تفعلين هكذا في مياه
غريبة انت لا تعرفين التيارات".  مازحته: " بإمكانك دائما ان تسبح لتنقذني".     - ولنفترض انني لا أعرف السباحة؟   - صدقتك! بندقي لا يعرف السباحة! ابحث عن عذر اخر!   - قال محتجا: " انا أكثر
 ضعفا مما ابدو ".   - أوه.. حقا  قال مهرجا: " ظهري يؤلمني".     - تبدو على ما يرام بالنسبة لي  وتفحصت صدره الأسمر، وعضلات ذراعيه المفتولة.
 هذا وهم.. فخلف هذا المظهر الشاب جسم رجل عجوز متصدع اقسم لك. في الواقع انا.. آه!  وبصيحة مسرحية وتلويح بذراعيه، اختفى تحت الماء، وراقبته دولسي متسلية، مترقبة ظهوره.  وتمتمت: " حسن جدا.. لقد قلت إنني سأنتقم. انظر إلى
هذا".  وانزلقت تحت الماء وبقيت طويلا إنما قريبة بما يكفي لتسمع صيحته.     - دولسي! دولسي يا إلهي! دولسي  وخرجت من الماء قائلة: " لقد خدعتك! "
ايتها.. ايتها..   - هيا.. هذا ما فعلته معي.   - تعرفين انني كنت لا أمزح، لقد ظننتك غرقت لقد اختفيت وامامي المحيط كله لأفتش عنك.. تعالي إلى هنا!   - لا مستحيل.  واستدارت لتعود بسرعة قدر استطاعتها. وما ان بلغت الرمل حتى بدأت تركض
 أمامه... إلى ان ادركها وامسك ذراعها ولذعتها بشرتها فجأة حيث لمسها وامسك ذراعها.  ولذعتها بشرتها فجأة حيث لمسها فتركها على الفور.     - يكفي، لقد اطلت البقاء في الشمس.  لف ذراعه قرب كتفيها، دون ان يلمسها، مصرا على ان
تعود تحت المظلة، ووجدت ظلها مريحا، فقد بدأ ألم يستشري في مؤخرة رأسها.  قالت: " آسفة إذا كنت اقلقتك".     - اقلقتني؟ اتعرفين.. لا بأس سأؤجل انتقامي.  واستلقت تحت المظله وجاءها بشراب بارد انعشها
 قليلا. وحين اقترح العودة وافقت فقد بدأت تشعر بالنعاس وهذا ما أزعجها.  في رحلة العودة عبر البحيرة أخذت تحدق في الماء، ولا بدّ انها غفت لأن الوقت أزف فجأة للنزول من المركب.. لكن قيلولتها لم تجعلها تشعر انها أفضل. واستولى عليها الصداع تماما.
بدأ غويدو القول: " كنت افكر".  لكنه صمت ونظر إليها: "ما بالك؟ ".  حاولت الضحك: " صداع بسيط".     - دعيني أنظر اليك.  امسك بكتفيها بلطف وادارها
 لتواجهه: " يا فتاتي المسكينة! ".     - ما الأمر؟  وأحست انها تمرض أكثر مع مرور الثواني.     - اظنها ضربة شمس بشرتك الشقراء لا يمكن ان تتحمل الحرارة كان يمكن ان اشتري
: كريما اقوى.. هل تشعرين بالسوء؟  قالت بضعف: " أجل.. رأسي يؤلمني بشكل رهيب".     - حسن جدا.. سنعود إلى الفندق.. ابقي هنا.  ولم يكن لديها خيار سوى ان تفعل ما قال، وتبقى مكانها. وبدا لها ان العالم كله يضج
داخل دماغها عاد بعد قليل ليقول: " طلبت مركبا لنقلنا.. تمسكي بي".  وسارا معا حتى المركب، ثم اجلسها في المؤخرة يضمها إليه ورأسها على كتفه كان الصداع اليما.. مع ذلك احست بأنها يمكن ان تبقى هكذا إلى الأبد لو بقي يضمها كما يفعل الآن.. في مرحلة احست به يتصل هاتفيا ثم عاد كل
شيء إلى الضبابية.  ثم توقفا. كانت عيناها شبه مغمضتين، وهو يقودها.  قال: " كدنا نصل. ستجدين بقية الطريق أكثر راحة".  ورفعها بين ذراعيه.  كانت اضعف من ان تحتج، ولو انها استطاعت ان تخمن بأي شكل تبدو وهي محمولة
: عبر ردهة فندق فينوريو. وسمعت الأبواب تنفتح وتغلق خلفهما، ثم احست بنعمة الراحة لابتعادها عن الشمس.  تمتمت: "شكرا لك. لكن ماذا سيظنون بنا؟ "     - من؟   - الناس في الفندق.
: لسنا في الفندق. لقد جئت بك إلى بيتي.  وتمكنت من فتح عينيها، لتدرك انها لا تتعرف على أي شيء يحيط بها. فقد حل مكان السقف المرتفع والاثاث الفخم، غرفة بسيطة. كانت لا تزال بين ذراعيه، وكان يتحرك نحو باب تمكن من شده ليفتح، وبعينين نصف مغمضين انتظرت ان ينزلها.
في اللحظة التالية تشبعت بالماء البارد.  صرخت مصدومة، وحاولت جاهده المقاومة. لكنه كان يمسكها بحزم ليمنعها من الوقوع.  صاح قائلا: " انا آسف. لكن الوقوف تحت الدوش هي اسرع طريقة لتبريدك".
وشهقت: "لكنها مثلجة".     - هكذا أفضل، ارفعي رأسك، ودعي الماء ينصب على وجهك وعنقك. ارجوك. ستشعرين بالتحسن.  وفعلت ما قال. واحست انها أفضل حالا. اخيرا أوقف الماء، ووقفا هناك معا مبللين.  قال: "هناك منشفة الحمام.
 ساتركك لوحدك لتخلعي ملابسك".  لكن وهو يرخي قبضته عنها كادت تقع، فقال: " انا مضطر لخلع ملابسك عنك".  سألت بضعف: " وهل يمكن ان تفعل؟ "  صر على اسنانه: " سأجبر نفسي".
 وكان شجاعا جدا بما يفعل ولم يبق عليها سوى ثياب السباحة.  لفها بالمنشفة الكبيرة، ووضعها على كرسي المرحاض بينما اخذ يخلع قميصه المبلل.  بعد ذلك رفعها عن الأرض، وهذه المرة حملها إلى غرفة النوم ووضعها على السرير،



أحدث أقدم